أخبارثقافة وادب وفنون
الخيمة الخضراء تدعو إلى تعزيز مدارس التأليف والإبداع في المنطقة العربية لمواكبة الحداثة العالمية
دعا المتحدثون في الندوة الثامنة بالخيمة الخضراء، التابعة لبرنامج /لكل ربيع زهرة/، إلى تعزيز مدارس التأليف والإبداع في المنطقة العربية، لمواكبة الحداثة التي يشهدها العالم مع تحديد معوقات إيصال الهوية والإرث الفني والثقافي العربي لمختلف أنحاء العالم.
وأكد المشاركون في الندوة، التي جاءت بعنوان “التأليف والإبداع الأدبي في العالم العربي بين الاتباع والحداثة”، أن العولمة تشكل تحديا كبيرا لمنظومة القيم العربية، ولكن يمكن للمؤلفين والمبدعين العرب الحفاظ على هذه القيم من خلال التوعية بمخاطر العولمة، ودعم الإبداع العربي، وتعزيز الحوار الثقافي، موضحين أن العولمة ليست ظاهرة سلبية بالكامل، بل لها أيضا بعض التأثيرات الإيجابية، مثل انتشار المعرفة والتكنولوجيا، ويجب على المؤلفين والمبدعين العرب أن يكونوا على دراية بالتأثيرات الإيجابية والسلبية للعولمة، وأن يتخذوا موقفا نقديا تجاهها.
وشددوا على أن الحفاظ على منظومة القيم العربية مسؤولية جماعية، تتطلب تعاونا بين المؤلفين والمبدعين العرب والمجتمع ككل، كما أثنوا على دور دولة قطر خلال تجربة كأس العالم لكرة القدم 2022، ومساهمتها في نقل الثقافة الخليجية والعربية والإسلامية، مع الاهتمام بالترجمة لعدة لغات، لكافة المشجعين الذين زاروا البلاد.
وأوضح المشاركون أن التقليد الأعمى للثقافة الغربية يؤدي إلى انفتاح العالم العربي على الثقافات الأخرى، ومنها تقليد الأنماط الغربية دون تمحيص أو نقد، مما قد يهدد الهوية العربية والقيم الأصيلة، لافتين إلى أن العولمة قد تؤدي إلى تهميش بعض جوانب الثقافة العربية، مثل اللغة والفنون التقليدية، ما يضعف الشعور بالانتماء، وقد تؤدي ثقافة الاستهلاك إلى تهميش القيم الدينية والأخلاقية، ما يسبب مشكلات اجتماعية وخلقية.
وأكد المشاركون أن التمسك بالدين الإسلامي مفتاح الوصول إلى كافة الثقافات وبداية لنشر الثقافة العربية لكافة دول العالم، وأن الثقافة في العالم العربي وصلت إلى مرحلة الإبداع، لكن ينقصها توفير البيئة المناسبة، مشيرين إلى صعوبة الحكم على العمل الإبداعي سواء عن طريق القيمة السوقية أو القيمة الثقافية، وأن التحدي الرئيسي يكمن في الفجوة بين القائمين على الثقافة وأفراد المجتمع، وأنه يجب إشراك الشباب في أهداف واستراتيجيات وزارت الثقافة.
وفي كلمته، أوضح الدكتور سيف بن علي الحجري، رئيس برنامج /لكل ربيع زهرة/، أن الندوة ركزت على عدة محاور أهمها العولمة وتهديد منظومة القيم لدى المؤلفين والمبدعين العرب، والأسباب والحلول لتردي الإنتاج الثقافي والفني في العالم العربي، والحاجة إلى تعزيز مدارس التأليف والإبداع لمواكبة الحداثة، إضافة إلى معوقات وصول الهوية والثقافة والإرث الفني العربي لبقية أنحاء العالم، مشددا على حتمية التعامل مع مصطلح العولمة في ظل التقدم التكنولوجي والانفجار المعرفي والانفتاح الثقافي، إلى جانب المتغيرات السريعة في المجالات المادية، والتقنية، والاقتصادية، والثقافية، مع العمل على تلافي آثاره السلبية على (الهوية والقيم والمنظومة المعرفية والثقافية للإنسان العربي).
ولفت إلى تحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى مرتع لكل طالب شهرة، ما أصاب المتلقي بحالة من تدني الذوق، الأمر الذي يستوجب الإصرار على تقديم الإبداعات ونشرها بالشكل اللائق، داعيا دور النشر لأن تنقح ما تقدمه من أعمال، والاهتمام بقيمة ما تقدمه، والعناية بالكتاب الناطق ومختصرات الأعمال الأدبية المشهورة، إلى جانب الاهتمام بالإصدارات الإلكترونية من صحف ومجلات أدبية، فضلا عن تنشيط حركة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وبالعكس، مع تعزيز الاستثمارات في المجالات الثقافية.
وأشار إلى أنه للوصول إلى إنتاج فني وأدبي راق، لا بد من تأسيس مدارس نقدية، تضع النماذج والبنى للتيسير على المبدعين وفتح آفاق الغد لهم، حيث تزداد الحاجة لتعزيز مدارس التأليف والإبداع لمواكبة الحداثة.
واستعرض الدكتور الحجري أبرز معوقات نقل التراث الفني والثقافي العربي إلى الساحة العالمية، بداية بتأثير الاستشراق والاستعمار الحديث على مفهوم التراث الثقافي في العالم العربي، ما شكل عائقا كبيرا أمام مشاركة هذا التراث بشكل فعال عالميا، وتأثير العولمة على منظومة القيم لدى المؤلفين والمبدعين العرب، مما أدى إلى هزالة المنتج الثقافي، لضعف التكوين الثقافي للمؤلف، بما يؤثر سلبا على تكوين المتلقي، بما يؤثر عكسيا على المؤلف، وقلة الاحتكاك بين الأجيال الثقافية، والسعي وراء الربح المادي على حساب القيم والأخلاق، بالإضافة إلى الأجندة الخفية لإفساد المجتمعات العربية والإسلامية، إلى جانب ضعف الاستثمار في مجالات الثقافة.
وأكد رئيس البرنامج أن الثقافة العربية تحمل في طياتها مجموعة من القيم التي يحتاجها العالم ومنها الجود والكرم، والشهامة والنخوة، والشجاعة والنجدة، والعفة وقيمة المحافظة على الأسرة، لكن غياب وضعف الهوية الثقافية وعدم الاعتزاز بالموروث الحضاري للأمة العربية والإسلامية، والتقليد غير المدروس واستنساخ البرامج الغربية، تلك التي تمثل عوائق توصيل هذه القيم.
المصدر : الشرق