أخبار

قطر وعمقها الآسيوي.. لمحات من تاريخ ممتد للتعاون الثنائي الفاعل والمتميز

توطدت علاقة دولة قطر مع عمقها الآسيوي على مدار السنوات الماضية عبر انضمامها إلى الكيانات والتكتلات الآسيوية، كما باتت تلعب دورا فاعلا مع المنظمات الإقليمية والدولية في آسيا، مما يعزز مكانتها وتأثيرها في المنطقة وعلى الساحة العالمية، من خلال تعاون ثنائي فاعل مع بعض أبرز تلك التكتلات والهيئات الآسيوية الكبرى.

وتعد مبادرة أيادي الخير نحو آسيا /روتا/، التابعة لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، باكورة المبادرات القطرية نحو المجتمعات والدول الآسيوية، التي يعاني سكانها من مستويات دخل منخفض، أو يعيشون في ظروف اجتماعية غير مستقرة بفعل الأزمات والحروب والتغير المناخي.

فمنذ الإعلان عن إطلاق المبادرة في سبتمبر عام 2005، قامت /روتا/، بالتعاون مع الشركاء والمتطوعين والمجتمعات المحلية، بتوفير التعليم والتدريب لأكثر من مليوني طفل وشاب في 20 دولة من أجل بناء قدراتهم للمساهمة في مستقبل مستدام.

وقد عززت /روتا/ جهود قطر نحو التعاون الإنساني والتنمية في آسيا والمنطقة بشكل عام، وعكست هذه المبادرة التزامها بأهمية دعم العلاقات الثنائية والتعاون مع دول آسيا في مختلف المجالات، بما في ذلك التعليم والثقافة والصحة والتنمية الاقتصادية، وتقديم المساعدات الإنسانية في حالات الكوارث والأزمات، وتطوير البنية التحتية.

ومن خلال هذه المبادرة أيضا نجحت قطر في بناء شراكات متينة مع دول آسيا، ليس فقط عبر دعم المشاريع التنموية المشتركة، ولكن من خلال تعزيز التنمية المستدامة، وتحسين مستوى حياة السكان في المنطقة.

 

وعبر عضوية دولة قطر ضمن دول الحوار الآسيوي (ACD)، الذي تأسس عام 2002 في تايلاند، أطلقت قطر رؤيتها لتحقيق التنمية الفاعلة والمستدامة في القارة الآسيوية، ومع استضافة الدوحة العديد من الاجتماعات الوزارية لدول الحوار الآسيوي، وآخرها الاجتماع الوزاري السادس عشر عام 2019، وضعت بصمتها على شكل التعاون الذي يؤدي للنهوض بدول القارة، مؤكدة أن آسيا تمتلك كل فرص إقامة تكامل تدريجي يؤدي في النهاية إلى جعلها منطقة اقتصادية رائدة لما تملكه من إمكانيات جغرافية وبشرية وحضارية تساعد على النجاح وتحقق التنمية، وتؤدي إلى استتاب السلم والأمن في العالم، معلنة من الدوحة أن الشراكة الآسيوية-الآسيوية تعتبر وسيلة مهمة لتحقيق آمال وتطلعات شعوب القارة.

وخلال استضافتها الاجتماع ذاته، أعلنت دولة قطر عن مبادرة لتعليم اللغة العربية بين دول الأعضاء، انطلاقا من إدراكها بأن التعليم هو الوسيلة الوحيدة التي تساند تقارب الفجوات بين ثقافات الشعوب المختلفة في كافة أنحاء العالم.

وحظيت استضافة دولة قطر الاجتماع الوزاري لدول الحوار الآسيوي عام 2019 بإشادة قوية، وكانت الاستضافة حدثا مهما لأنها شهدت عقد أول اجتماع بعد تأجيل لعامين ونصف، بعد أن بذلت دولة قطر جهودا كبيرة من أجل إحياء حوار التعاون الآسيوي وإعادة بناء وإرساء ثقة ومعنويات الدول الأعضاء، خاصة أن الاجتماع تأجل عدة مرت، ما أدى إلى حالة إرباك وعدم يقين بشأن مستقبل هذا التجمع.

وانتقلت علاقة قطر بالهيئات والكيانات الآسيوية إلى مستوى جديد بعد انضمامها إلى عضوية الجمعية البرلمانية الآسيوية، التي تعد ثاني أكبر تجمع برلماني في العالم بعد الاتحاد البرلماني الدولي.

وجاء انضمام دولة قطر إلى الجمعية البرلمانية الآسيوية (APA)، خلال أعمال الاجتماع الأول للمجلس التنفيذي للجمعية بتركيا في 26 أكتوبر 2019، وقد مثل تواجدها في هذا التجمع الإقليمي إضافة نوعية لتعزيز العمل البرلماني المشترك في القارة الآسيوية.

وتأكيدا للدور الكبير الذي تقوم به دولة قطر في مجال الدبلوماسية البرلمانية، وللجهود الدؤوبة التي تبذلها في سبيل تعزيز التعاون البرلماني، ولإسهاماتها في خلق حالة من الترابط والتواصل بين الشعوب، فازت، ممثلة بمجلس الشورى، بمنصب نائب رئيس الجمعية البرلمانية الآسيوية للفترة (2024 – 2025)، وذلك عقب الانتخابات التي جرت ضمن أعمال اجتماعات المكتب التنفيذي للجمعية، التي استضافتها مدينة /أنطاليا/ التركية العام الماضي.

والجمعية البرلمانية الآسيوية (APA) تأسست عام 2006 بهدف تعزيز التعاون البرلماني وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء في القارة الآسيوية، والهدف الرئيسي للجمعية هو تعزيز الديمقراطية وتطوير التشريعات في المنطقة الآسيوية.

وتنظم الجمعية اجتماعات دورية ومنتديات لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما تشجع على تبادل المعلومات والتجارب بين البرلمانات الوطنية في آسيا، وتلعب دورا مهما في تعزيز التفاهم والتعاون بين الدول الآسيوية، وترسيخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة.

 

وفي انطلاقة جديدة بالآفاق الآسيوية، وقعت دولة قطر على الانضمام لمعاهدة الصداقة والتعاون مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وذلك على هامش افتتاح الدورة الـ/55/ للرابطة في عاصمة كمبوديا /بنوم بنه/ في أغسطس 2022.

ويأتي انضمام دولة قطر للمعاهدة انطلاقا من الإرادة والرغبة المشتركة لخلق منطقة آمنة ومستقرة للمجتمعات لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والازدهار المشترك، فضلا عن إيجاد وحدة مشتركة بين الشعوب قائمة على التنوع وتقبل الآخر.

وتكتسب علاقات دولة قطر مع دول /الآسيان/ أهمية قصوى لترسيخ أواصر التعاون في مختلف المجالات، ودعم كل الجهود لتعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي، والاهتمام بتطوير العلاقات والتعاون المشترك مع القارة الآسيوية بوجه عام، ومع رابطة /الآسيان/ بوجه خاص.

وقد وقعت المعاهدة عام 1976م بين الدول الخمس المؤسسة للرابطة وهي: إندونيسيا، وماليزيا، والفلبين، وسنغافورة، وتايلند، ثم بقية الدول الأعضاء في الرابطة.

وفي ديسمبر 1987م، عدلت المعاهدة لتسمح بانضمام دول من خارج منطقة جنوب شرق آسيا، وتهدف المعاهدة إلى تحقيق عدد من المبادئ المعززة للسلام والتعاون بين الدول، والاحترام المتبادل للاستقلال والسيادة والمساواة والسلامة الإقليمية والهوية الوطنية لجميع الدول.

وفي سياق علاقات دولة قطر مع مجموعة الآسيان وتحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فقد شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، العام الماضي، مع إخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأصحاب الفخامة رؤساء الدول الآسيوية ورؤساء الوفود، في قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي عقدت في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.

وقد عكست مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في هذه القمة الأهمية الكبيرة التي توليها دولة قطر لتعزيز الترابط بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول آسيان في مختلف المجالات، والتزام الدولة القوي بتعزيز وتعميق شراكتها مع دول الخليج ودول رابطة الآسيان.

وشهدت العلاقات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا /آسيان/ في السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في مختلف المجالات، لا سيما في المجالين الاقتصادي والتجاري، ما جعل /آسيان/ من أبرز الشركاء التجاريين لدول مجلس التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل التعاون في المجال البحري، والاتصالات، وأهداف التنمية المستدامة، والمجال الاقتصادي، وغيرها من مجالات التعاون الممكنة والمناسبة.

وكانت دولة قطر قد انضمت عام 2014 لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا (سيكا) وأصبحت عضوا بالمؤتمر بعد أن كانت تتمتع بصفة مراقب.

ومؤتمر /سيكا/ هو منتدى دولي يهدف إلى تعزيز التفاهم وبناء الثقة بين دول آسيا. وقد جاءت فكرة تنظيم المؤتمر بمبادرة طرحها، ولأول مرة، الرئيس الأول لكازاخستان نور سلطان نزارباييف في 5 أكتوبر عام 1992 خلال الدورة الـ47 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبدأ /سيكا/ نشاطه رسميا في مارس عام 1993.

ويضم /سيكا/ 27 دولة كأعضاء دائمين يمثلون ما يقرب من 90 بالمئة من أراضي آسيا وسكانها، فضلا عن 13 مراقبا من الدول والمنظمات الدولية.

ويعكس اسم المنظمة فلسفة عملها، حيث يركز على التفاعل بين الدول الأعضاء وتبادل وإجراءات بناء الثقة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ويعمل على تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف في مجالات مثل: مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والحد من تداعيات النزاعات الإقليمية.

ويعد المؤتمر منصة مهمة للحوار والتعاون في المنطقة، حيث يسعى إلى تحقيق التوازن والاستقرار والتعاون البناء بين دول آسيا.

ومنذ انضمامها لعضوية مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا خلال انعقاد قمة /سيكا/ الرابعة بشنغهاي في جمهورية الصين الشعبية عام 2014، تشارك دولة قطر بفاعلية وانتظام في جميع فعاليات المؤتمر، وتسعى لتعزيز علاقات التعاون مع الدول الأعضاء.

وكخطوة جديدة نحو تعميق التعاون القطري الآسيوي، وقّعت دولة قطر في 14 سبتمبر 2022 بطشقند على مذكرة تفاهم، بشأن انضمامها لمنظمة شنغهاي للتعاون كشريك حوار، وذلك على هامش قمة المنظمة التي عُقدت في أوزبكستان.

ومنظمة شنغهاي للتعاون تعتبر منظمة حكومية دولية تأسست في 15 يونيو 2001، وتضم الأعضاء الحاليين (الصين، وروسيا، أوزبكستان، والهند، وباكستان، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان)، وتم قبول إيران كعضو دائم، حيث كانت بصفة عضو مراقب، أما الدول التي تحمل صفة مراقب في المنظمة فهي: (أفغانستان، وبيلاروسيا، ومنغوليا)، فيما تضم قائمة الدول ذات صفة “شريك في الحوار” كلا من: (أرمينيا، وأذربيجان، وتركيا، وسريلانكا، وكمبوديا، ونيبال)، قبل أن يتم قبول انضمام دولة قطر.

ويتطلب قبول انضمام الدول للمنظمة الحصول على موافقة جميع الدول الأعضاء، وكذلك الأمر بالنسبة للانتقال من صفة إلى أخرى.

وانطلاقا من إيمان دولة قطر بالأهداف الجليلة التي من أجلها تأسست “منظمة شنغهاي للتعاون” والدور الرائد الذي تساهم فيه لحل القضايا الملحة والمحورية في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم، فإنها تشاطر دول المنظمة مساعي تعزيز الاستقرار والأمن في أراضي أعضائها، ومحاربة الإرهاب والتطرف والجريمة، ومكافحة تهريب المخدرات، وتطوير التعاون في مجال الاقتصاد والطاقة والثقافة والعلوم.

المصدر :الشرق

إغلاق