أخبار

د. إم رامي الفرا: علامات تحسن جودة الهواء في الدوحة بعد طفرة البناء الرئيسية

كشفت المؤشرات المحلية المتعلقة بالاحتراق بالدوحة تحسنًا واضحًا وملموسًا في عام 2023 مقارنة بالخمسة أعوام الماضية. وقال الدكتور إم رامي الفرا، العالم الرئيسي والرئيس الفني لجودة الهواء في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة بجامعة حمد بن خليفة: إنه «عند مقارنة جودة الهواء في قطر خلال خمسة أعوام، نجد علامات تحسن ملحوظ في مستويات الملوثات المتعلقة بالانبعاثات الناجمة عن الاحتراق».  وأكد د. الفرا أن البيانات البيئية لعام 2023 أظهرت خط أساس أقل للانبعاثات الناجمة عن الاحتراق من الأنشطة البشرية المحلية. وقال ان هذا أمر مبشر بالخير لأنه يوضح انخفاضا في المتوسط يصل إلى 30% في نسبة ثاني أكسيد النيتروجين والكربون الأسود في الهواء فكلاهما علامات للأنشطة المتعلقة بالاحتراق. فالأخير هو أحد مكونات الملوثات الضارة بالصحة العامة المعروف باسم الجسيمات الدقيقة التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرون (PM2.5) (الجسيمات التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرون).

 

وقال «إننا نقيم ما يبدو أنه خط أساس جديد لجودة الهواء بعد كأس العالم في الدوحة. حيث نعمل على توسيع نطاق جهودنا البحثية لتحديد كيفية مقارنة هذه البيانات بقياساتنا في عام 2024 وتقييم تقلباتها الموسمية وتحديد المصادر الإقليمية والمحلية لملوثات الهواء الرئيسية في الدوحة.

وأضاف ان معهد قطر للبحوث والطاقة طور مجموعة من أدوات تحليل البيانات كما أكمل تقييمًا أساسيًا شاملًا لجودة الهواء عبر منطقة الدوحة الكبرى بين الأعوام من 2018 إلى 2024، مما يوفر رؤى حول حالة جودة الهواء قبل وبعد كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر 2022.

وقال الدكتور الفرا «تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى تحسن ملموس في مستويات الملوثات الناتجة عن مصادر الاحتراق منذ الانتهاء من الاستعدادات للبطولة والأنشطة ذات الصلة».

 

وأكد أن الحالة الراهنة لجودة الهواء في قطر معتدلة في المتوسط، وتختلف باختلاف الملوث المثير للقلق. حيث «عند النظر إلى وجود ملوثات مختلفة في جميع أنحاء منطقة الدوحة الكبرى، نجد أن مستويات بعضها – مثل ثاني أكسيد الكبريت وأول أكسيد الكربون – ضمن الحدود المقبولة وفقًا للمعايير التنظيمية الوطنية والدولية، وكذلك المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية».

لافتا إلى أن «الملوثات الأخرى مثل ثاني أكسيد النيتروجين والأوزون والجسيمات أكثر تغيرًا وتتطلب النظر في السياسات والاهتمامات».وقال إن تلوث الهواء له مصادر محلية وعابرة للحدود، إلا أن جودة الهواء في جميع أنحاء منطقة الدوحة الكبرى معتدلة في المتوسط بسبب الغبار الطبيعي الذي يؤثر على المنطقة والانبعاثات الناتجة عن التحضر والأنشطة البشرية المختلفة.

 

 

 

 

   جودة الهواء في قطر

ويمتلك معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة برنامج بحث استراتيجي مستمر يهدف إلى الكشف عن التحدي الكبير الذي يواجه جودة الهواء في دولة قطر وغيرها من المناطق القاحلة الحضرية المشابهة. ويتم تحليل التفاعلات بين تحضر الانبعاثات الناتجة مع الغبار الطبيعي الموجودة في بيئة الدولة لتحديد كيفية تأثير هذا الخليط على صحة الإنسان.

 

 

    معالجة التحديات الوطنية

وقال: يهدف بحثنا إلى معالجة التحديات الوطنية البيئية والعقلية الصحية في دولة قطر مع التركيز على منطقة الدوحة الكبرى، حيث يقيم معظم سكان البلاد. وقال الدكتور الفرا: «إن هذا العمل له آثار طويلة المدى على منطقتنا والمناطق القاحلة الحضرية بشكل عام». وقال أيضًا إن المؤلفات الحالية حول أبحاث جودة الهواء تتغاضى عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

وأضاف: «تعكس معظم المؤلفات التلوث الناجم عن الأنشطة البشرية الممزوجة بالانبعاثات الحيوية والبحرية في أوروبا وأمريكا الشمالية والصين. ومع ذلك، فإن الجمع بين الغبار الطبيعي القريب من المصدر والتحضر والانبعاثات الصناعية الموجودة في المنطقة لا يتم الإبلاغ عنه حاليًا في بشكل كافٍ في المؤلفات الأوسع ولا يتم تمثيله بشكل كامل في الإرشادات الصحية العالمية لجودة الهواء.

 

هذه قضية ملحة لمنطقتنا وللمناطق القاحلة الحضرية المماثلة حول العالم. وقال الدكتور الفرا: «نأمل أن يساهم البحث الذي نقوم به هنا في قطر في قدرتنا على معالجة هذا التحدي وابتكار حلول تخفيف مناسبة». وأضاف الدكتور الفارة أن معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة يدير شبكة بحثية لجودة الهواء تتكون من ست محطات بحثية تقع داخل منطقة الدوحة الكبرى وحولها والتي تلتقط بيانات تمثل الخلفية الإقليمية والضواحي والحضر والطرق والخلفيات الحضرية والمواقع الساحلية داخل منطقة الدوحة الكبرى وحولها. وقال الدكتور الفرا: «توفر الشبكة بيانات عالية الجودة ومعلومات قيمة حول جودة الهواء والغبار والمتغيرات المناخية منذ عام 2018».

 

وأكد أن معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة يمتلك قدرات بحثية متطورة في مجال جودة الهواء والعلوم الجوية، حيث يوفر مجموعات بيانات ومعلومات فنية تساعد دولة قطر على تحديد وقياس المصادر المحلية والإقليمية للغبار وتلوث الهواء في منطقة الدوحة الكبرى ووضع استراتيجيات وطنية للتخفيف من حدة المشكلة لتحسين جودة الهواء وحماية الصحة العامة.

قال الدكتور الفرا: «إن معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة في وضع جيد جدًا لتقديم الأدلة القائمة على الأبحاث وتقييم حالة جودة الهواء والمساعدة في تطوير الحلول المحلية والوطنية».

 

وقد أضاف أن معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة ساهم مؤخرًا بأدلة فنية حول خط الأساس لجودة الهواء في منطقة الدوحة الكبرى وما حولها، وقدم تقييمًا ومقارنة بيانات جودة الهواء مقارنة بالمعايير الدولية والمبادئ التوجيهية الصحية لمنظمة الصحة العالمية في ورشة عمل تم تنظيمها واستضافتها من قبل وزارة البيئة والتغير المناخي بعنوان من أجل حماية جودة الهواء.

 

 

    دراسة ملوثات الهواء

وقال د. الفرا إلى أنه ينبغي دراسة ملوثات الهواء ومعالجتها معًا لأن الاستراتيجيات الفعالة تتطلب نهجًا متسقًا. «تؤدي مصادر التلوث الإقليمية والعابرة للحدود دوراً كبيراً في تحديد جودة الهواء في قطر. لذلك، يوصى بشدة بالتعاون في البحث الإقليمي والتنسيق المنظم كجزء من نهج فعال لتحسين الهواء في قطر والمنطقة».

 

وأكد أن مشاكل جودة الهواء في قطر تتشابه إلى حد كبير في طبيعتها مع المشاكل المشتركة التي تواجهها جميع الدول المجاورة. «لدينا الغبار الطبيعي كملوث شائع في منطقتنا. وقد شهدت المنطقة بأكملها نموًا سريعاً للغاية مع نمو سكاني على مدار الثلاثين عاماً الماضية». وقال إن النمو السكاني والتوسع الحضري لهما آثار بيئية سلبية في الغالب، وإن بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحاجة إلى التعلم من تجارب المناطق الأخرى لتجنب أو تخفيف هذه الآثار قدر الإمكان.

 

وقال د. الفرا: تتمثل المصادر الرئيسية لتلوث الهواء في قطر في الغبار الطبيعي والانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية. ويلعب الغبار دورًا رئيسيًا في تحديد جودة الهواء، خاصة بالنسبة للمواد شبه الجسيمات. وأضاف أن المصادر الناتجة عن الأنشطة البشرية تشمل حركة المرور المحلية ومشاريع البناء والصناعة والشحن. وفي هذا السياق، يبدو أن مصادر التلوث العابرة للحدود تلعب دورًا هامًا في تحديد جودة الهواء في قطر وبلدان أخرى في المنطقة. وقال إنه بالنسبة لمعالجة جودة الهواء، هناك تسلسل هرمي راسخ للتدخلات التي يُنصح معظم البلدان باعتمادها وإتباعها كلما أمكن ذلك. وقال د. الفرا «يتضمن هذا التسلسل الهرمي ثلاثة عناصر. الوقاية، والتخفيف، والتجنب».

 

 

    تخفيف الانبعاثات

وأوضح د. الفرا أن الوقاية تعني محاولة التخلص من انبعاثات التلوث، بما في ذلك استبدال الطاقة التي تعمل بالوقود الحفري بمصادر الطاقة المتجددة بدلاً من ذلك كلما أمكن ذلك. يمكن أن تكون الكهرباء خيارًا مهمًا للعمليات التي تعتمد حاليًا على مولدات الديزل والآلات. بالإضافة إلى ذلك، فإن التكنولوجيات التي تجمع بين الكهرباء ومصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، تستحق بالتأكيد التفكير فيها. بعد قول ذلك، من المهم أن يتم النظر في مسألة التخفيف من الملوثات بشكل كلي لضمان ألا تؤدي بعض التدابير إلى عواقب غير مقصودة على البيئة أثناء محاولة معالجة ملوثات معينة. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك الحالة الشائعة لثاني أكسيد النيتروجين والأوزون. هذه الملوثات مرتبطة ببعضها البعض في الغلاف الجوي وينبغي معالجتها معًا وليس بشكل منفصل.

ونوه د. الفرا بأن «التخلص من المصادر الملوثة هو إجراء أساسي لمنع التلوث، وهو أفضل استراتيجية. ومع ذلك، فإن هذا ليس ممكنًا دائمًا لأننا لا نملك حلولًا لكل شيء على المستوى الذي نريده، لذلك الشيء الأفضل فيما بعد هو التخفيف من المشكلة».

 

وقال إنه من الضروري التخفيف من حدة التلوث، خاصة في المناطق التي يعيش فيها الناس. وقال د. الفرا «ويمكن أن تتضمن تدابير التخفيف استراتيجيات متعددة، بما في ذلك زيادة مساحة الخضراء في المناطق الحضرية. ومع ذلك، ينبغي وضع استراتيجية وتنفيذها بعناية، حيث إن اختيار أنواع الأشجار أمر بالغ الأهمية لضمان ألا تؤدي إلى انبعاثات حيوية ينتج عنها آثار سلبية على الأوزون والملوثات الثانوية الأخرى». وقال إن ذلك سيساعد في تقليل نسب التلوث عن طريق إزالة الجسيمات من الغلاف الجوي. وتتضمن خيارات التخفيف الأخرى تقليل مصادر الغبار المتطاير من خلال ضمان وجود المزيد من المساحات الخضراء وتقليل الأسطح المكشوفة للرمال والغبار في المناطق الحضرية وحولها.

ولفت د. الفرا انه من الضروري العمل لتخفيف انبعاثات الصناعة وينبغي التخفيف الانبعاثات من المصادر الرئيسة إن أمكن وأن نبدأ بتحديد المصادر الأكثر تلويثاً ومعالجتها.

 

وفيما يتعلق بالمصادر الأخرى، قال إن هناك حاجة للاستمرار في العمل مع الشركاء الصناعيين الرئيسيين لتعزيز الجهود الحالية لزيادة خفض الانبعاثات.

العنصر الأخير في التسلسل الهرمي للتدخلات هو التجنب. ويعتمد ذلك على تمكين الجمهور بالمعلومات والرسائل الواضحة المتعلقة بجودة الهواء في المناطق المحيطة بهم باستخدام كلتا البيانات الموثوقة في الوقت الفعلي وقدرات التنبؤ. كما يشمل أيضا رفع مستوى الوعي العام حول مصادر تلوث الهواء الخارجي والداخلي وتأثيراته وضمان حصول الأفراد وخاصة أفراد الفئات الضعيفة على الوعي والمعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة للمساعدة في الحد من تعرضهم العام لتلوث الهواء.وأكد د. الفرا على الحاجة الماسة لتنسيق الجهود الإقليمية لمعالجة تحديات جودة الهواء على نطاق أوسع. وفي هذا السياق كرر التأكيد على أهمية إنشاء وتنسيق البحوث وأطر السياسات على المستوى الإقليمي لمواجهة التحدي الحاسم المتمثل في مصادر التلوث الجوي الإقليمية والعابرة للحدود.

المصدر : الشرق

إغلاق