أخبارسلايد 1سياسة وعلاقات دولية
الشراكة القطرية الأمريكية تعزز الاستقرار في المنطقة
تقدم العلاقات بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية نموذجاً للشراكة الإستراتيجية التي تشمل كافة المجالات، وفي مقدمتها العمل المشترك لدعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، من خلال الشراكة والتعاون في حل النزاعات، والجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب، إلى جانب العلاقات الاقتصادية المتينة.
وعكس اللقاء الذي جمع بين سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وسعادة السيد أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، الخميس، في واشنطن، مدى قوة ومتانة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والتنسيق بينهما فيما يتعلق بتطورات الأوضاع في المنطقة خاصة في أفغانستان، وإيران، وسوريا، وفلسطين، وغيرها من الملفات.
وتتطور العلاقات بين الدوحة وواشنطن وتزداد قوة وتميزا في مختلف المجالات، بفضل الإرادة المشتركة وما تحققه من مصالح اقتصادية وتجارية لكلا البلدين وللأمن والاستقرار في المنطقة. ويقود الحوار الإستراتيجي الذي يدخل عامه الرابع العلاقات المتطورة بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية، ويرسم مسارا جديدا للعلاقات، من خلال تقوية التعاون الاقتصادي والعسكري والأمني وهو تعاون يمتد ليشمل جميع المجالات بما فيها التعليم والثقافة والتنمية.
وتعد الدوحة شريكاً لواشنطن في كافة القضايا الإقليمية والعالمية، حيث تلعب قطر دوراً مؤثراً في المنطقة سواء من خلال جهودها المثمرة في مجال الوساطة وتهدئة التوترات ودعم الاستقرار في المنطقة والعالم، أو من خلال دورها البارز في الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب.
الملف الأفغاني
وفي إطار العلاقات الوطيدة بين البلدين، والتنسيق المشترك لتعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي والسلام العالمي، أسهمت الوساطة القطرية من خلال استضافتها للمحادثات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية في إنجاز اتفاق الدوحة التاريخي أواخر فبراير 2020، لتنهي بذلك أطول حرب أمريكية، بعد أن أقر الاتفاق انسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف من أفغانستان، وفتح الباب واسعا أمام السلام الشامل في أفغانستان، حيث تقوم حاليا برعاية مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان بدعم من الولايات المتحدة وعدد من الشركاء الدوليين.
وأشادت واشنطن بدور الدوحة في محادثات السلام الخاصة بأفغانستان، سواء بين الولايات المتحدة وحركة طالبان وهو ما أسفر عن توقيع اتفاق سلام في شهر فبراير الماضي في الدوحة، أو فيما يتعلق بالحوار الأفغاني – الأفغاني، مؤكدة أن قطر شريك مهم في إحلال السلام والحوار في أفغانستان. وفي البيان الختامي للحوار الاستراتيجي الثالث وجهت الولايات المتحدة الشكر لدولة قطر على دورها الأساسي في النجاح في جلب ممثلي طالبان إلى طاولة المفاوضات، وعلى استضافتها لحفل التوقيع على الاتفاقية التاريخية بين الولايات المتحدة وطالبان في فبراير 2020، والبدء في مفاوضات السلام في أفغانستان في سبتمبر 2020.
وخلال الأزمة التي شهدتها المنطقة، مطلع 2020، نتيجة التوتر بين واشنطن وإيران، والذي تفاقم باغتيال قائد “فيلق القدس” بـ”الحرس الثوري”، قاسم سليماني، نجحت جهود قطر من خلال علاقاتها المتميزة مع واشنطن في تخفيف حدة التوتر، وتجنيب المنطقة مخاطر الانزلاق إلى حرب جديدة.
وتنسق الدوحة وواشنطن في ملفات عديدة لوضع حد للأزمات في المنطقة بما في ذلك، وضع نهاية للصراع في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها.
التهدئة في غزة
كان للتنسيق والجهود المشتركة بين دولة قطر والولايات المتحدة، ومصر والأردن، دور حاسم في وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد إعلان التهدئة بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية بعد 11 يوماً من العدوان، ليمثل هذا التعاون المشترك نجاحاً جديداً للدبلوماسية القطرية يضاف إلى إنجازاتها العديدة.
ومنذ الساعات الأولى لاندلاع التوترات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سارعت قطر بتحركات واتصالات مع كافة الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل التهدئة وإنهاء التوتر، وهو ما أكدته الإشادة الدولية والأممية الواسعة التي تلقتها الدوحة إثر الإعلان عن بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والكيان المحتل، والثناء على الدور المهم والحيوي الذي لعبته قطر مع شركائها لوقف العدوان على الأشقاء الفلسطينيين. وساهمت قطر إلى جانب مصر والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
وظلت قطر محورا للتحركات والاتصالات الإقليمية والدولية بهدف خفض التصعيد إدراكا من المجتمع الدولي لأهمية دور قطر الإيجابي في خفض التوترات وإنهاء النزاعات بالمنطقة، حيث تلقى سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، اتصالات هاتفية من سعادة السيد تور وينسلاند، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، وسعادة السيد جيك سوليفان مستشار الأمن القومي في الولايات المتحدة، وسعادة السيد بيكا هافيستو، وزير خارجية فنلندا، وسعادة السيد سيمون كوفني، وزير الخارجية ووزير الدفاع في أيرلندا، وغيرهم، وجرى خلال الاتصالات استعراض تطورات الأوضاع في فلسطين، وضرورة العمل المشترك لخفض التصعيد في القدس وغزة.
مكافحة الإرهاب
تشهد العلاقات القطرية الأمريكية شراكة متطورة في مجال جهود مكافحة الإرهاب، حيث تثني واشنطن باستمرار على جهود قطر في مكافحة الإرهاب.. وتعد قطر شريكا مهما للولايات المتحدة في الجهود العالمية لمحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، إذ تستضيف الدوحة مقر القيادة المركزية الأمريكية لدعم العمليات العسكرية في المنطقة، كما أن الدوحة وبدعم منظمة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة هي مركز العمليات الجوية الرئيسية ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق.
ويتواصل البلدان باستمرار من خلال اجتماعات منتظمة بين الجانبين لبحث التهديدات الإقليمية والشراكات الدولية ومكافحة غسل الأموال، وقوانين التصدي لشبكات تمويل الإرهاب، والتزام العقوبات، بالإضافة إلى تبادل المعلومات. وكان البلدان وقعا في 2017، “مذكرة تفاهم للتعاون في مجال مكافحة تمويل الإرهاب”، تشمل التعاون بين الجانبين في المجالات الأساسية لمكافحة الإرهاب كالأمن والاستخبارات والمالية، حيث أصبحت قطر أول دولة توقع على برنامج تنفيذي مع الولايات المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب.
كما تلعب الدولتان دورا مهما ومشتركا في دعم المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب والصندوق العالمي لمشاركة وتكييف المجتمعات المحلية ومساعدتها على الصمود ضد التطرف،
ونالت قطر الثناء الدولي في مناسبات عديدة؛ تأكيدا على تعاونها الإقليمي والدولي للقضاء على الإرهاب، ففي أغسطس 2020، كان السفير الامريكي ناثان سيلز منسق مكافحة الإرهاب في الدوحة، في زيارة أوضحت واشنطن أنها تأتي لتقديم الشكر لدولة قطر على “التزامها بمكافحة الإرهاب العالمي وتفانيها في إقامة شراكة قوية مع الولايات المتحدة بشأن الأمن ومكافحة الإرهاب”.
شراكة اقتصادية
تعد الشراكة القطرية الأمريكية في المجال الاقتصادي، القاطرة التي تعزز العلاقات بين البلدين، حيث يبحث البلدان بانتظام أوجه تطوير التعاون الاستراتيجي القائم بين البلدين في مختلف المجالات، وذلك من خلال الحوار الاستراتيجي السنوي.
وتلتزم قطر والولايات المتحدة بتعزيز العلاقات التجارية الثنائية المتنامية، وارتفعت التبادلات التجارية الثنائية بينهما بنسبة 30.7 % بين عامي 2018 و2019. كما ازدادت أيضا صادرات الولايات المتحدة إلى قطر بنسبة 39 % خلال نفس الفترة لتشكل 21 % من قيمة جميع واردات قطر خلال عام 2019، وتبقى الولايات المتحدة أكبر مستثمر عالمي مباشر وأكبر شريك تجاري لقطر.
وتقدر استثمارات قطر في الولايات المتحدة بعشرات المليارات من الدولارات، وتشمل قطاعات متعددة مثل التكنولوجيا، الإعلام، الطاقة، العقارات وغيرها، وتستوعب هذه الاستثمارات في سوق العمل الأمريكي حاليا حوالي مليون وظيفة، ويفوق التعاون الاقتصادي بين الدولتين 125 مليار دولار، وتتطلع الدولتان لمضاعفة هذا التعاون خلال السنوات القادمة.
وتعمل في السوق القطري 650 شركة أمريكية، منها 117 شركة برأس مال أمريكي مائة بالمائة و55 شركة تعمل تحت مظلة مركز قطر للمال والباقي شركات برؤوس أموال مشتركة.. ويوجد بدولة قطر ما يقارب 15 ألف مواطن أمريكي، منهم حوالي خمسة آلاف يعملون في وظائف تتطلب كفاءات ومهارات عالية وذلك ضمن القطاع الخاص.
المصدر: الشرق