يبقى معترك كأس العالم واحدًا من الساحات التي تكتب شهادة ميلاد نجوم واعدين في عالم كرة القدم، بالتزامن مع أفول أخرين سطروا تاريخًا عامرًا بالألقاب ومرصعًا بالذهب، إلا أن الأجواء في قطر تبدو مواتية تمامًا لتجمع كتيبة من اللاعبين الواعدين الذي خطفوا الأضواء مبكرًا ورسموا ملامح مبكرة لمسيرة رائعة وبقي فقط محفل المونديال لتوثيق هذا التوهج.
في سنوات سابقة شهد المونديال ميلاد أسماء لازالت عالقة بالأذهان بعضها عرف الطريق إلى منصة التتويج، والبعض الآخر لم يعانق الذهب، ويكفى أن تذكر اسم بيليه أيقونة الساحرة المستديرة، والذى خطف المعدن النفيس وهو ابن 17 عامًا، ليتحول الحدث الكبير وعلى مدار 92 عامًا لمنجم اكتشاف الدرر وهو الأمر المرتقب في موطن الآلئ.
ويكتسب مونديال قطر أهمية كبرى بالنظر إلى التغيرات الكبيرة التي طرأت على الحدث، بداية من خوض المنافسات لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط ذات المناخ الخاص والرائع في هذا التوقيت من العام، إلى جانب تغيير موعد البطولة إلى الشتاء، ومن ثم إقامة المنافسات مع انتصاف الموسم في أكثر دوريات العالم، في مشهد ينذر بوصول اللاعبين إلى أفضل مستويات لياقية وذهنية وبدنية.
ولأن المونديال بوابة التاريخ من أوسع الأبواب فمن المرشح أن ترتفع أسهم بعض الواعدين إلى عنان السماء، سواء من ناحية بورصة النجوم والقيمة السوقية إلى الزخم الجماهير والترقي في سلم الميركاتو، وهو الأمر الذي يطارد 10 أسماء واعدة في الدوحة.. نستعرضها في التقرير التالي:
– أوريليان تشواميني
يحط منتخب فرنسا الرحال في الدوحة من مقعد حامل اللقب، وسط استقرار فني كبير تحت إمرة المدرب ديدييه ديشامب، وبأسماء لم يطرأ عليها الكثير من التغيير منذ مونديال روسيا 2018، وإن حظيت بتدعيمات من العيار الثقيل، تعزز من طموح الحفاظ على اللقب للمرة الثانية تواليًا.
ومع اقتراب العد التنازلي للمونديال فقد الديوك اثنين من الأعمد الأساسية، بعد إصابة بول بوجبا، متوسط ميدان يوفنتوس، ونجولو كانتي، قلب فرنسا النابض، خسارة من شأنها أن تكسر ظهر المدير الفني بالنظر إلى القيمة الفنية لثنائي الوسط، غير أن ديشامب لن يعاني كثيرًا في ظل توافر بدائل ربما كانت مؤهلة لحجز المقعد الإساسي في قطر.
تشواميني أحد تلك الأسماء التي خطفت الأنظار على نحو مبكر، في مشهد أجبر ريال مدريد للتحرك من أجل جلب تلك القطة الثمينة من موناكو في ميركاتو الصيف الماضي، ليصبح بين عشية وضحاها أحد أهم الأوراق في دفتر كارلو أنشيلوتي، لم يشعر معها جمهور سنتياجو برنابيو بأي تأثير لرحيل لاعب بحجم كاسيميرو إلى أولد ترافورد.
صاحب الـ22 عامًا، برهن عن عقلية متزنة وموهبة رائعة وثقل فوق الميدان رغم اللعب في أعلى المستويات، ليتجاوز معايير الزمن ويأمن مستقبل منطقة المناورات في الريال مع اقتراب توني كروس ولوكا مودريتش من الأفول وكذلك الحال في فرنسا مع كانتي وبوجبا.
ودافع تشواميني عن ألوان منتخب فرنسا في 14 مناسبة، منذ سجل الظهور الأول في سبتمبر 2021، بينها 7 أساسيًا، وبصم على هدف وحيد، كما سجل الحضور بألوان الملكي في 16 مباراة لحساب جميع المنافسات في الموسم الجاري، بمعدل 1132 دقيقة، ساهم خلالها في تسجيل هدفين.
– إدواردو كامافينجا
وإلى جوار تشواميني ينشط الديك الآخر كامافينجا أحد أبرز الأسماء التي لمعت مبكرًا في صفوف رين ليخطف أنظار صائدى القطع الثمينة في ريال مدريد، ليشكل امتداد لثنائية مثالية مع رفيق المنتخب الفرنسي، ويبث الطمأنينة في نفوس الجمهور هنا وهناك أن وسط الملعب في مأمن لا يتسرب إليه التوتر.
كامافينجا اختار اللعب في صفوف الريال رغم العروض المثيرة للعاب من الجار الباريسي أو تلك القادمة من البريميرليج، غير أن صاحب الـ19 عامًا اختار حلم الطفولة غير عابء بالمنافسة المرتقبة مع أسماء بحجم كاسيميرو كروس مودريتش فالفيردي، وأمام تلك الثقة لم يكن في حاجة لكثير من الوقت لحجز معقد أساسي ويتحول إلى أحد ركائز الملكي في الليجا ودوري الأبطال.
ولم يغب إدواردو عن منتخب الديوك، حيث ظهر لأول مرة في سبتمبر 2020، قبل أن يكمل 17 عامًا، ليشارك بعدها في 4 مباريات موقعًا على هدف وحيد، كما لعب بقميص الملكي في 18 مباراة في جميع مسابقات الموسم الجاري، بمعدل 704 دقائق، ليصبح أحد الأسماء المرشحة للتألق في المونديال، وسط كتيبة تضم مبابي وجريزمان وبنزيما وكومان وديمبلي.
– فيدري فالفيردي
ثالث الأسافي في وسط ريال مدريد هو المتألق فيدريكو فالفيردي، الذي حل أزمات أنشيلوتي في الوسط والهجوم، بل أصبح الأوروجوياني الرقم الأصعب في معادلة الملكي في الموسم الجاري، بحسابات الأرقام والفعالية والمساهمة في الانتصارات.
ويعوّل منتخب أوروجواي الكثير على فيدري من أجل قيادة السيليستي لاستعادة أمجاد الماضي البعيد، بعدما فقط بوصلة اللقب منذ قرابة 7 عقود، إلا أن المهمة تبدو ثقيلة مع أفول الجيل الذهبي بقيادة لويس سواريز وأدينسون كافاني والبقية.
ويقدم صاحب الـ24 عامًا، أداءً لافتًا بقميص الملكي في الموسم الجاري، حيث شارك في 17 مباراة لحساب جميع البطولات، وقعّ خلالها على 7 أهداف، وقدم 3 تمريرات حاسمة، وشكل أحد أسباب قبض الريال على صدارة الليجا، وكذلك استكمال مشوار الحفاظ على لقب دوري الأبطال، بالتأهل إلى ثمن النهائي من مقعد الصدارة.
فالفيردي، الذي جمع 8 ألقاب في هذا العمر، يمثل النجم الأبرز على تشكيل السيليستي، خاصة أنه لا يفتقد خبرات اللعب الدولي منذ لعب لأول مرة بالقميص السماوي قبل 5 سنوات، ليشارك في 44 مباراة، سجل خلالها 4 أهداف، ليصبح أحد الأسماء المرتقب تألقها هنا في الخليج بعد 18 يومًا.
– فينيسيوس جونيور
لم تتوقف امدادات ريال مدريد من النجوم الواعدة إلى الدوحة عن هذا الثالوث الرائع، وإنما تركت جوهرته السوداء ليصنع المجد رفقة راقصي السامبا بقيادة نيمار دا سيلفا، ورفقة كتيبة من السحرة، التي تبحث عن استعادة اللقب المفقود منذ 20 عامًا.
ويبدو فينيسيوس مرشحًا لقيادة هجوم السيلساو في قطر، بعد نضج بشكل لافت في سنتياجو برنابيو، وبات أحد الأوراق التي لا غنى عنها في صفوف الفريق، ومرشحة للمزاحمة على الكرة الذهبية في القريب، خاصة بعدما قاد الميرينجي إلى رباعية الموسم الفائت؛ الدوري والسوبر الإسباني، ودوري الأبطال والسوبر الأوروبي، في ظهور استثنائي.
ويطمح فينيسيوس أن يسير على خطى أساطير بحجم بيليه وجارنشيا وزيكو وسقراط وروماريو ورونالدو وريفالدو ورونالدينيو وحتي قدوته نيمار، من أجل تأكيد سيادة البرازيل على اللعبة وانتزاع اللقب السادس، وهو في حالة فنية تسمح بذلك، حيث شارك في الموسم الحالي في 18 مباراة بقميص البلانكو، سجل 9 أهداف، وصنع 5 آخرين.
ولعب صاحب الـ22 عامًا، 15 مباراة بألوان المنتخب البرازيلي، حيث قاد الكناري إلى تصدر تصفيات كأس العالم، وسجل هدفًا واحدًا، إلا أنه قبل هذا الموعد أحرز لقب كوبا أميركا تحت 15 و17 عامًا، وحصل على 7 ألقاب مع الريال، أبرزها دوري الأبطال وكأس العالم للأندية.
– بيدري
وتبقى الليجا موطن المواهب الصاعدة بقوة في ساحات الساحرة المستديرة، ولكن هذه المرة عبر بوابة برشلونة حيث يبرز اسم الواعد بيدري، متوسط ميدان إسبانيا، ضمن أبرز النجوم المرشحة للتألق في المونديال، في ظل المستويات الرائعة التي يقدمها وبات معها أفضل لاعب شاب في العالم في العام الماضي.
وعلى طريق تشافي هيرنانديز وأندرياس آنيستا يسير بيدري خطوة بخطوة وإن اختلفت الأيام في كتالونيا عن سابقتها في العصر الذهبي، حيث خطف الأنظار في بطولة يورو 2020 وكاد أن يقود اللاروخا لحصد لقب البطولة لولا أن ضربات الترجيح أدارت ظهرها لرجال لويس إنريكي، في نصف النهائي لصالح الطليان.
وربما لا يبدو المنتخب الإسباني مرشحًا لتكرار إنجاز 2010، بالنظر إلى المرور بمرحلة إعادة البناء، غير أن بيدري رفقة جابي، يبدو الرقم الأهم في تشكيل إنريكي، حيث لعب صاحب الـ19 عامًا، 12 مباراة رفقة الماتادور منذ سجل الحضور الأول في 25 مارس 2021.
ولعب بيدري، الذي انتقل إلى كامب نو في صيف 2020 قادمًا من صفوف لاس بالماس، 17 مباراة لحساب جميع المسابقات في الموسم الجاري، بمعدل 1254 دقيقة، بصم خلالها على هدفين في الليجا، كما قاد البارسا لتحقيق لقب الكأس 2020-2021 في آخر صعود كتالوني إلى منصات التتويج.
– جافي
بابلو مارتين بايز جافيرا، المولود في 5 أغسطس 2004، يُمثل أحد الأسماء الواعد في عالم كرة القدم، وأبرز اللاعبين الذي وثقوا قدرة لاماسيا على تفريخ النجوم بعد توقف عارض، حيث خطف جافي الأنظار ليحصل على جائزة أفضل لاعب شاب في عام 2022.
وشكل جافي رفقة بيدري ثنائية أعادت للأذهان إبداعات تشافي وآنيستا، حيث لعب صاحب الـ18 عامًا، في 17 مباراة في الموسم الحالي تحت شعار الفريق الكتالوني، بمعدل 1097 دقيقة، ساهم خلالها في تسجيل هدف وحيد، كما شارك رفقة اللاروخا في 12 مناسبة موقعًا على هدف، ويبقى خيارًا لا غنى عنه رفقة إنريكي في المونديال.
– جود بيلينجهام
في وقت سابق اختار «فيفا» الإنجليزي الواعد جود بيلينجهام، جناح فريق بوروسيا دورتموند الألماني، ضمن القائمة المرشحة للتألق في المونديال، في ظل المستويات الرائعة التي يقدمها أسد فاستيفاليا، والتي بات معها محط أنظار كبار القوم في القارة العجوز، في مشهد ينذر بالرحيل المرتقب عن سيجنال إيدونا بارك عقب العودة مباشرة من الدوحة.
ودخل بلينجهام بقوة على رادار ريال مدريد وبرشلونة ومانشستر سيتي وتشيلسي وباريس سان جيرمان، حيث يجيد الإنجليزي صاحب الـ19 عامًا، اللعب في مراكز الوسط والهجوم، ليصبح أحد أبرز اللاعبين على لائحة مدرب الأسود الثلاثة جاريث ساوثجيت في المونديال.
وانضم بلينجهام، الذي شحد الرحال إلى دورتموند قادمًا من برمينجهام، إلى الأسود الثلاثة لأول مرة في نوفمبر 2020، حيث شارك تحت إمرة ساوثجيت في 17 مباراة، كما يمثل أحد أهم العناصر في الفريق الألماني، حيث لعب في الموسم الحالي 19 مباراة في جميع المسابقات، سجل خلال 9 أهداف، وقدم تمريرتين حاسمتين.
– بوكايو ساكا
إنجليزي آخر في القائمة المرشحة للتألق في قطر، في ظل تألق الواعد بوكايو ساكا، صاحب الـ21 عامًا، والذي تألق بشكل مؤثر ضمن صفوف آرسنال، ليقود الفريق اللندني للقبض على صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز، في الطريق نحو استعادة اللقب المفقود.
ساكا، صاحب الأصول النيجيرية، لفت الأنظار مبكرًا ليجبر ساوثجيت على ضمه إلى صفوف المنتخب الإنجليزي قبل أن يكمل 19 عامًا، ليشارك لأول مرة في 8 أكتوبر 2020، ومنذ هذا التاريخ سجل الحضور في 20 مباراة وقع خلالها على 4 أهداف، وحجز مقعدًا في تشكيل الأسود في المونديال.
ودافع بوكايو عن ألوان آرسنال في 17 مباراة، بمعدل 1228 دقيقة، لحساب جميع المسابقات في الموسم الحالي، سجل خلالها 5 أهداف، وقدم 5 تمريرات حاسمة، وشكّل رفقة جابرييل مارتينيلي وجابرييل جيسوس مثلث رعب للمنافسين.
– جمال موسيالا
وتدخل ألمانيا المونديال بكتيبة من الأسماء القوية تحت إمرة هانزي فليك، المدعوم بأسماء بحجم توماس مولر ومانويل نوير وسيرج جنابري ولروى ساني وجوشوا كيميتش، إلا أن جمال موسيالا يبقى أحد أبرز الأسماء المرشحة للتألق بألوان المانشافت في المونديال.
موسيالا، صاحب الـ19 عامًا، حجز مقعد أساسي في تشكيل بايرن المدجج بالنجو، حيث شارك في 19 مباراة في الموسم الحالي، سجل خلالها 10 أهداف وقدم 8 تمريرات حاسمة، ورغم حداثة عمره إلا أنه كان طرفًا رئيسًا في حصول البافاري على 10 ألقاب، أبرزها دوري الأبطال، و3 من أصل 10 ألقاب في بوندسليجا تواليًا.
جمال الذي تدرك في الفئات العمرية لمنتخب إنجلترا، قبل أن يختار اللعب في المانشافت، سجل الحضور في صفوف الماكينات في 17 مباراة، وقّع خلالها على هدف وحيد، ويمثل أحد الأوراق الرابحة في دفتر فليك، لجلب الكأس الغالية للمرة الخامسة تاريخه.
– ناصر الدوسري
ويمتلك الأخضر الذي يسجل الحضور السادس في كأس العالم، العديد من القطع المؤثرة على رقعة المدرب الفرنسي إيرفي رينارد، إلا أن ناصر الدوسري، الذي تعافي من الإصابة مؤخرًا، يبدو مرشحًا لخطف الأضواء، والمساهمة في عبور المنتخب السعودي لمجموعة قوية تضم الأرجنتين وبولندا والمكسيك.
ناصر، صاحب الـ23 عامًا، يجيد اللعب على الأجنحة وفي الوسط، وعلى الرغم من الإصابة لعب 12 مباراة في الموسم الجاري، بقميص الهلال، بمعدل 582 دقيقة، بصم خلالها على هدف وحيد، وساهم منذ صعد من الفئات السنية لأزرق الرياض في الحصول على 7 ألقاب، بينها لقبين في دوري أبطال آسيا..
10 نجوم واعدة تترقب التألق في كأس العالم «فيفا- قطر 2022»، الذي يقص شريط المنافسات بمزيد من الحفاوة في 20 نوفمبر الجاري، وعلى مدار قرابة 30 يومًا من المتعة والإثارة.. هل هناك نجوم آخرين تتوقع لهم التوهج في المونديال؟
المصدر: كورة بريك