مقالات وبحوث
دور المثقف في التحولات التاريخية.. سعود الفراج نموذجاً
بقلم: علي المسعودي
قبل أحداث غزة المؤلمة والمفصلية كان(تسطيح وعي الشعوب والتقييم المقلوب للأمور) هو العنوان الأبرز الذي يمكن اختياره للسنوات الخداعات الماضيات التي عشنا فيها مرحلة صعبة سيطر فبها على الفضاء اعلام سطحي متهالك قاده ثلة ممن صنعتهم آلة إعلامية خبيثة عرزت اللهاث المحموم وراء الماديات والمظاهر والإنفاق المجنون.. وسيطرت فيه عادات وطبائع وأقوال مغلوطة ازدادت حدتها تطرفا وبجاحة حتى اصبح صاحب الحق يخفض صوته خجلاً وخوفا والمنحرف يرفع عقيرته بالصياح.
لكن الله لابد أن يحق الحق ويدمغ الباطل لأنه سبحانه أراد للإنسان أن يكون حرا ، ولكي يكون حرا ينبغي أن يكون مفكرا ، قادرا على فهم مايدرر حوله . ولكي يكون كذلك ونبغي أن تكون هناك مؤثرات مباشرة وهذا هو الجانب الأسهل في التعامل، لكن الاخطر هي تلك المؤثرات غير المباشرة الخفية التي تستخدم اللعبة النفسية في التأثير، حيث مكمن الخطر.. بقدرتهت على تغيير الشخصيات بتدرّج هادئ مثل قارب يقف فوق ماء يحركه بهدوء .. فتظنه سكانا لكنه يمرّ مرّ السحاب فاذا به في لاجههة المقابلة
ولأن وسائل الإعلام أصبحت تسيطر على عملية الاتصال ويعتمد عليها الجمهور في الحصول على المعرفة فقد أصبحت هي من يشكل الثقافة العامة.. سواء عبر قنوات او منشورات واتساب او سنابات او تغريدات وغيرها مما ينشر من آلات التأثير… لتنبئ بتحوّل هيكلي عميق في موازين السلطة بين الطرفين. لقد شكّل بزوغ الإعلام الجديد شكلاًجديدا من الاتصال على النطاقات الاجتماعية، إذ أصبح إنتاج الخطابات المستهلكة عموميًّا لا مركزيًّا، مع تراجع الاعتماد على الإعلام التقليدي وتعاظم استخدام شبكات التواصل، وهو التغيّر الذي زعزع الأشكال التقليدية للسلطة في المجتمع
وبرغم هذا الانحدار لم يفقد المثقفون الأمل في الظهور على وسائل الإعلام وتفعيل دورهم داخلها وضدّها، من أجل رفع شعارات معادية لأحادية الخطاب الإعلامي المهيمن
ومن الأسماء التي تقف على مشرف من مشارف هذا الوعي وإدراك المسؤولية الأخلاقية الأستاذ سعود الفراج كحالة خاصة مميزة لإعلامي قطري يقدم مادة رصينة تعزز أهمية نشر الوعي المجتمعي بالمسؤولية الثقافية من خلال مادة ثرية تسعى إلى ظهور متزن يعمل على تثقيف الناس بقضاياهم المهمة ويهتم بالتأثير في مواقفهم وسلوكياتهم و معتقداتهم بما يخدم الأصالة والالتزام
وكذلك التأثير على صانعي القرار بما ينفع الوطن والمواطن، معززا صحة الفهم وسلامة الإدراك
لكأنما يستشعر معنى قوله تعالى:{لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} باعتبار الوعي شيء أعمق من الثقافة اذا علمنا أن الثقافة هي التعليم النظري بينما الوعي هو التطبيق العملي..
وقد تابعت نشاط الأستاذ سعود ووقفت على حرصه على نشر الفهم الصحيح لطبيعة التدافع بين الحق والباطل، وتعزيز المعرفة بحماية المكتسبات الاخلاقية، والإحساس بالوطنية وفق مفهومها الشرعي والأخلاقي، ونفي الادعاء الزائف.
يسعى سعود من خلال نشاطه اليومي عبر حسابه في سناب شات الممتع الملئ بالوعي والنصائح والقصص المشوقة والمواقف الطريفة وعِبَر التاريخ القديمة والحديثة وخفة ظله المحبّبة إلى اكتشاف أنماط وشرائح المجتمع وكيف نتعامل معها التعامل الصحيح، بعيدا عن اللهاث الشائع بحثا عن “تريند” أصبح هو الهدف الأكبر الذي يتبارى غالبية المشاهير في اعتلائه، بعد أن أصبح أحد أهم معايير التقييم كمقياس لدرجة النجومية المزيفة، وإن كنا نعلم جيداً كيف تصنع المشاهير هذا التريند المفتعل
وقد سجلت مؤخراً مع (سعود الفراج) حلقة من ضمن حلقات بودكاست أبواب.. فخرجت معه بحوار ثري ومشوّق.. تحدث فيه عن قضايا مجتمعية وسلوك جمعي وفردي يستحق التشريح والتحليل المبني على التساؤل: متى حدث ذلك وكيف حدث ذلك..
وستكون حلقة غنية ومفاجئة!